اهلين
في خضم مهرجان الترشيح للمونديال بين الشقيقتين مصر و الجزائر و الذي آل للأسف لتلك الأحداث المؤسفة, تذكرت إحدى الطرف التي حصلت لي لما كنت بمصر..
هو طبيب مصري مسيحي الديانة كان يقيم معنا في الموقع جنوب الأقصر, حاولت مرارا و تكرارا التقرب إليه من أجل أن يندمج مع المجموعة نظرا لعدم خبرته في ميدان التنقيب عن البترول و عزوفه عن التواصل مع جميع العاملين العرب الذين كانوا في معظمهم مسلمين.
دردشنا كثيرا و مع الوقت أصبحت علاقة الزمالة و الصداقة قوية, بالفعل كان شخص مصري بسيط صاحب نكتة و جميل الخلق, كثرا ما كنا نتحدث عن بلدينا و تخلفنا.. نعم نحن عرب متخلفون ثقافيا.. جنسيا.. و اجتماعيا و غير ذالك كثير..لا نملك من الحضارة إلا الكلمة أما المعنى فنحن بعيدون بعد السماء عن الأرض.
من خلال حواراتنا دهش و تفاجأ من طبيعتي.. فهو يرى أن الشعوب المغاربية تتصف بالعدوانية و الاستفزازية خصوصا الجماهير التونسية و التي يراها متمرسة و خبيرة في ميدان صنع المشاكل و إثارة المتاعب للمصريين خاصة في ميدان الرياضة.
سألته بعفوية لما خالجك ذاك الشعور؟ هل هو عن تجربة شخصية أم هو غير ذاك؟
الإجابة كانت كما توقعتها..إنه إعلام مصر الحضارة الذي ما فتأ في كل مباراة يكيل الاتهامات بمناسبة و بغير مناسبة
.
.
"ما تدولهومش فرصة د لاعبة ( تونس) مستفزين"
" إوعى تخيل عليكم حراكاتهم دول معلمين في التمثيل"
كم مرة ضرب الجمهور التونسي في ستاد القاهرة..بالصورة و بالصوت الدليل موجود في سجلاتهم التلفزيونية و ضمن أرشيف تلفزيونهم الوطني..
كم مرة شجعتم منافسينا الغير عرب و كنتم يا مصريين يا أشقاء خير عضد لهم و كنتم لنا شر عضد .. انبش في ذاكرة كل مصري تابع بطولة إفريقيا (مصر 2006) فهي خير شاهد لمن كانت ذاكرته ضعيفة..
قنواتنا التونسية صورت استفزازاتهم مع منتخبنا ..إذاعتنا التونسية سجلت اعتداءاتهم على فرقنا..و مع هذا لم يسمع أحدا منهم أي كلمة نابية منا في حقهم..
لكن بعض أقلامهم لا تتورع عن سبنا و نقدنا و كرهنا..من أجل ماذا؟ إنه الغرور و الأنانية التي تملأ بعض قلوبهم..
احتقار للأخر تلك هي سمة بعض أقلامهم الإعلامية التي ما فتأت تلهب قلوب جماهيرهم و إثارة نعاراتهم..
لنعد للازمة..و للفضيحة التي يندى لها جبين كل عربي شريف كان يرنوا للوحدة و للاشتراك في المصير..
من المسؤول عن تلك النكسة لكل ما هو مسمى (وحدة عربية)؟
هل أخطأ الجمهور الجزائري الذي ذهب للخرطوم في حق المصريين؟
نعم..أقولها صراحة..
لا يليق حرق العلم المصري و لا دهسه بالسيارات من طرف بعض الجزائرين.
غير مقبول إرهاب مشجعي المنتخب المصري و الاعتداء عليهم..فحياة كل فرد ثمينة بغض النظر عن جنسيته..
ظلم كبير أن توصف (مصر) بمصرائيل على وزن (إسرائيل) و نعتهم باليهود..لأن حصار غزة من طرف النظام المصري لا يعني ابد أن الشعب شريك له في تلك الفضيحة.
لكن في المقابل..غير مقبول من طرف الأعلام المصري خصوصا الخاص التعاطي بتلك الدونية في وصف الجزائر..
بربر..على فكرة كلمة بربر هي كنية لسكان شمال إفريقيا, كلمة أطلقها الرومان على السكان الأصليين و ليس معناها الهمج كما حاول بعض مقدمي البرامج المصرية إيهام البعض بها..
قطاع طرق..
مجرمين..
همج..
تلك هي الصفات التي نعت الشعب الجزائري الشقيق من طرف مذيعي القنوات الخاصة خصوصا :
(المحور): نجحت باقتدار في الوصول لقمة الوضاعة مع مرتبة الشرف...لا أدري هل مقدمي برامج الحوار خصوصا برنامج (48 ساعة) إعلاميون محترفون أما بياعين بضاعة إسمها (استفزاز و تأليب على شعوب المغرب العربي)..
سؤال ظل يخامر عقلي و أنا بتابع برامجك يا (محور) لم استطع أن أجد له إجابة: ما دخل قناة (الجزيرة) في المشكلة..الظاهر أن (كابوس الجزيرة) أصبح معضلة يصعب على الأعلام المصري أن يتناساها و هل قناة (قطر) و أهل (قطر) و حكومة (إيران) هم من قاموا بالتحريض ضد الجمهور المصري و تأليب الجمهور الجزائري عليكم أم أن اعتداءاتكم على حافلة الفريق الجزائري كانت شرارة الانتفاضة و التقليل من مقدسات الشعوب الاخرى..
(الحياة): قلبت برامجها لمأتم لتقديم التعازي في حق المصريين و أصبحت منوعاتها تأليب في تأليب من أجل الانتقام من كل جزائري.
مصر بلد كبير مساحة..نعم
مصر كثيرة السكان..أكيد
مصر بلد حضارة..أجل
أتفهم كثيرا تلك الغصة و الإحساس بالمهانة الذي شعر به الشعب المصري لرؤية مقدساته تهان بالطريقة لكن هذا ليس مبررا لتشغيل اسطوانة فضل مصر (أم الدنيا) على العرب أجمعين..
أولا..لا يوجد( أم) للدنيا لأنها ببساطة هي مقطوعة من شجرة و خلقت بدون (أب) و لا (أم)..و لمعلوماتي فهي أي (الدنيا) عاقرة و بتول فهي ليس لها رغبة لا في الزواج و لا في الجنس.
ثانيا..إذا كانت مصر (أم الدنيا) فأين أبوها..و أين عقد الزواج..أم أن الزيجة عرفية..أم ماذا؟
إن الاسطوانة المشروخة و التي عنوانها فضل (مصر) على جميع الدول العربية أصبحت مملة و غير مقبولة من أي شعب عربي حر..فإذا كانت كرامة المصريين من ( فضة) فغيرهم يرون كرامة بلدانهم من (ذهب و من الماس). فالمساس بالأوطان خط أحمر و مثل مصر غالية في نظر شعبها فغيرهم يرون بلدانهم جنة الله على الأرض
.
.
مصر غالية علينا..نعم
مصر كبيرة في أعيننا..أكيد
مصر منانة على الدول العربية..فاسمحولي إخوتي المصريين محال.
نعم يذكر التاريخ وقوفكم مع بعض قضايا الدول العربية..هذا من باب الاخوة لكن لم اسمع يوما إعلام (مصر) يتحدث عن دور الدول العربية في مساعدة (مصر)..
ماذا عن قطع البترول عن الغرب من طرف العرب أيام حرب 73..أليس ذاك من باب دعم الأخ.
ماذا عن مشاركة كل العرب في حروب (مصر) و مساعدتهم بالمال و العتاد في بناء القوة المصرية؟
لست بمتشفي و لا بشامت لكن علينا أن نقف وقفة موضوعية لتحليل و تقييم رد فعل الجمهور الجزائري الذي كان عفويا و تلقائيا تجاه إخوانه المصريين؟
إن الحملات الإعلامية و الاشهارية التي دأبت القنوات المصرية و المقالات الصحفية على الترويج قبل و المباراة بأسابيع ساهمت بشكل كبير و جلي في توتير اللقاء و ما ضرب حافلة الفريق الجزائري إلا الشرارة التي أذكت نار الثورة
..
..
تعلموا احترام الشعوب يا (بعض) إعلامي مصر (الحضارة) و كفاية غرور و استعلاء..فو الله سيحترم القاصي و الداني بلدكم الغالي
..
..
تحية إكبار و إجلال للمذيع الغير مهذب و الغير مؤدب (عمرو أديب)..طوبى لك و لأمثالك لقد كشفت عن وجهك الحقيقي و عن حقدك الدفين لكل ما هو غير مصري..حتى أبناء بلدك لم يسلموا من سمك و قذارتك فكيف ستكون مع غيرك
..
..
سنتذكر مقولتك القبيحة (انا مبشجعش تونس و لا يهمني ترشحها)..
(تونس) لا تنتظر منك أي شيء لأنها أكبر منك..(تونس) لها رجالها و أسيادها الذين حققوا إسمها في العلا لي و شرفوها في المحافل العالمية..
نعم يحق لك حرية التعبير عن رأيك..فنحن في ديمقراطية السب..
أما شعارات الوحدة و الشهامة و نصرة الأخ فإنها قد أكل عليها الدهر مع تلك الشرذمة التي ما فتأت تكيل أقبح النعوت و الصفات لكل الشعوب المغاربة..
في النهاية أختم بدعاء..الله يزيل الغمة و الله يستر كل مصري و كل جزائري في البلدين
فقلوبنا مع كل مصري متغـرب محاصر في الجزائر..
و
قلوبنا مع كل جزائري مهدد في مصر
...
النقطة المضيئة كانت: الإعلامي المصري (محمود سعد) و الداعية الكبيرة (عبلة الكحلاوي)..الله يبارك فيكما و الله يساعدكما لما هو خير الناس جميعا.
كلمة شكر للأعلام الحكومي الجزائري الذي ألتزم الصمت تجاه حملة التأليب و الشتم التي طالت رموز الجزائر
عيد مبروك على جميع الدول العربية التي تحب و التي بتكره بعضها اللبعض و على الأمة الإسلامية عامة بمشارقها و مغاربها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ