Monday, June 2, 2008

سؤال محرج

من منّا لم يتعرض لموقف سخيف...نطقتها (بثينة) من دون تردد...استغربت صديقاتها تلك النبرة العدائية في ردّها على كلام (سعاد) اعز صديقتها...لوهلة احست بخطئها و بأنها جرحت من دون قصد كاتمة اسرارها...رجعت بها الذاكرة لتلك الايام...حاولت نسيان اصعب جزء في حياة فُرض عليها ان تعيشها بمرارة...تذكرت... (نسيم)...

تعطّرت (بثينة) على العادة كلما كان الموعد مع (نسيم)...احتارت ماذا تلبس للقاء الحبيب...هل الارجواني ام الاحمر القاني...عملت منذ معرفتها به على اسعاده حتى ولو على حسابها...توهمت للحظة ان في اسعاده تكمن سعادتها...وصلت للمكان المعتاد...برج البستان...مكان شهد على لقائهما المتعددة...شهد ولادة اول حب خفق قلب (بثينة) له...هي نفسها لم تكن تؤمن بحب اول نضرة...الا انها كانت ضحية لذاك الشعور الجارف....تغلغل في و جدانها , استوطن فؤادها و احتل عقلها من دون ادنى مقاومة او حتى رفض...بين ليلة و ضحاها اصبحت تلك الملقبة بالمراة الحديدية... امراة وَهْنَاء ضعيفة...

عُرفت (بثينة) بجمالها العربي...الكل تمنى ان يحضى منها بلمسة ...ابتسامة او حتى نضرة....كانت درة قلّما جاد الزمان بها...كانت عتّية على الجميع باستثناء (نسيم).

لم يدر بخلدها انها يوما ستقع في شباك ذاك الفتى الجميل...شراره الحب انطلقت ايام عيد الحب 14 فبراير, وكأن القدر اراد لها ان تولد ولادة ثانية...و لادة خالصة لاعز محبوب...

(بثينة)... (بثينة).... الى اين ذهبت؟

انتفضت من سباتها على صوت صديقاتها اللاتي قطعن عنها ذكرياتها...

اكيد بتفكري فيه..

في مين؟

حبيب القلب...انتِ حتخبّي علينا...الكل يعرف قصتك مع ( نسيم)..بالله عليك توقفي على المكابرة فالحب ليس عيب انه اشرف احساس على وجه الارض.

ابتسمت و اردفت قائلة أكابر...نطقتها...بدون احساس على غير عادتها...الحب...عن اي حب تتكلمون...اما اذا كنتن تقصدن ( نسيم) فقد مات...

لمحت صديقاتها نضرة يائسة قلّما عرفوها في عيني (بثينة)...احسوا ان الوردة اليانعة قد ذبلت...وان نضارة وجهها قد ذهبت.

اشاحت (بثينة) بوجهها عن صديقاتها و غاصت من جديد في عالمها الشخصي.

عاشت (بثينة) اجمل فترات حياتها مع محبوبها...احست ان القدر و الزمان اتفقا لاول مره على كتابة فصول قصة غرام أبَدي بين شابين...الا ان احساس بالتوجس كان يلازمها كل مرة استطعمت حلاوة العشق و الهيام...اي يكون هذا الخوف لن اجعله ينجح في تنغيص حياتي مع حبيبي...هكذا كانت تقول لنفسها حتى تبعد عنها شعور الرهبة و الخوف من المجهول...

(بثينة)... (بثينة)....ما هذا الهزار البايخ؟ لا تتحاذقي علينا...كيف يموت و قد لمحناه قبل قليل..

انتفضت (بثينة) من جديد ,لم تستطع ان تتمالك اعصابها...و انهمرت الدموع التي ياما حاولت مداراتها منذ ان قطعت علاقتها ب(نسيم)...احبه... نعم مازلت احبه...اعترفت بينها و بين نفسها باستحالة مواصلة العيش بدونه...لقد حاولت مرار و تكرار اقناع نفسها بعدم جدوى التفكير فيه إلا أنها فشلت... لم تستطع حتى كرهه بعد ان عرفت خيانته لها ...و كيف تكره من كان يوما قلبها النابض و توأم روحها...

كان (نسيم) شابا مختلف عن غيره من الشباب...جميل المحي ذا ملامح عربية...عيناه العسليتين وانسياب شعره الاسود جعل منه معشوق الجميع اناثا و ذكورا...كان جد نشيط و مرح مع الكل بدون استثناء...لم يكن سوى قدوة للشباب...حتى الامهات حاولن جاهدات ان يكون اولادهم على شاكلته...الجميع عرفوا العلاقة بين المعشوقين و باركوا فعلا ترابط الجَمال مع الأخلاق بل على العكس عمل الكثيرين على تشجيعهما على اعلان العلاقة و جعلها رسمية و علنية...و لما لا تتويجها بالزواج...

هنا سنَبني عشّنا يا حبيبتي...لكن انا التي سوف أأثثه على ذوقي يا حبيبي...كانا دوما سويا ...الا ان القدر أبى ان يستمر الفرح...كيف لا و هو غول المجبين و سفاح المعشوقين

كل تلك الاحلام هراء و سراب...نطقتها(بثينة) في وجهه...

لم يفهم (نسيم) مغزى كلام الحبيبة, ظنها اول الامر مزحة منها كعادتها لما تحب ان تمازحه...إلا أن يقينه بعدم الراحة لهذا اللقاء كان اقوى... احساسه لم يخيب ولو مرة واحدة ..

من هو؟ اعرف انه سؤال محرج لكن كن لوهلة في حياتك رجلا و اصدقني القول, لا فائدة في الانكار و الكذب...

اشاح بوجهه عنها..

(نسيم): عن ماذا تتكلمين؟ ما هذا الهراء...

(بثينة): تلك عادتك عندما تهرب من الاجابة...تشيح بوجهك عني...لا تحاول...عرفت سرك...

(نسيم): عن اي سر تتحدثين؟

(بثينة):علاقتك ب(ايمن) لا تحاول الانكار و المكابرة...هل وصلت بك الدنائة الى خيانتي مع من..مع ذاك الشاذ ؟

(نسيم) : لا تقولي عنه شاذ...انتِ مثل غيرك تهتمين فقط بالقشوراما لب الموضوع فلا يهمك...و لما تهتمين اصلا فانت جاهلة بهذة الامور ...اصلا ما هي معلوماتك عن (ايمن) و عالمه حتي تنعتيه بالشاذ.

(بثينة): لا يهمني و لما اهتم...تلك النوعية من الشباب عار على البشرية...كان علينا ان نطرده من هذة الدنيا للجحيم...انت نفسك عليك ان تقطع علاقتك به...لا ادري لماذا تدافع عنه...حتى الحيوانات اشرف منه.

(نسيم): كفاية...من انتِ حتى تحكمي على الناس...الا تسئمين من محاكمتهم و التهكم عليهم...لقد حاولت جاهدا ان اغيّر فيك تلك النضرة المريضة إلا انني فشلت...كيف تقبلين على نفسك ان تنعتي الناس بذاك الوصف الرديئ...تعلّمي ان تحبي الناس مهما كانت انتمائتهم و تحترميهم حتى يعاملوك بالمثل...افهمي ان فاقد الشيئ لا يعطيه.

(بثينة): دعك من هاته الترّهات التي لا تسمن و لا تغني من جوع...كلام الكتب و الفلاسفة خليه لغيري...ما عندي صبر لتفاهاتك...كلمتين ابتعد عن ذاك المريض...و إلا...

(نسيم) : و إلا ماذا...اتهددنني...لن اقطع علاقتي بصديق لطالما كان لي السَند و الاعانة من اجل ارضاء غرورك...

(بثينة): عن اي غرور تتحدث...أفِق من سباتك...اين انت من الشرائع, المحرمات و الاصول التي تجزر و تلعن الشواذ و كل من يناصرهم...يا ويلي لو تكون واحد منهم...لماذا سكتت...

(نسيم):لست في موقع اتهام حتى اعترف بذنب او خطإ ...انا حر و ليس لكِ علي سلطان...

(بثينة): عن اي حرية تتحدث, انت تعيش داخل مجتمع فعليك احترام الظوابط التي اتفق عليها اعضائه..تلك هي القواعد و ما عليك إلا ان تقبل بها...في الاخير دعك من كل هاته الالاعيب...نفسي اعرف اصرارك على الدفاع عنه و عن امثاله , حتى كلمات الحب كنت اقتطعها منك بصعوبة ناهيك عن برودة جسدك كلما اقتربت و توددت اليك...ارجوك يا (نسيم) ريحني...لو كانت لي عندك معزّة اخبرني...ما اطيق ان اظل مخدوعة فيك للابد...انت تعرف مقدار حبي لك...لو كنت تعاني من ذاك المرض لاتتردد...حبيبي انا معك حتما حنتخطى تلك الازمة...فقط ثق بي...

نظر الفتى اليها و تمعن فيها...لاول مرة احس بان طريق الانعتاق من عبودية الخوف اصبح قريب الاكتشاف... هل ممكن ان يكون الانسان اعمى البصيرة حتى لا يلاحظ كم من الامور مرت بدون ان يعي انه كان على خطأ...كم من الوقت يجب ان يمر حتى نقر باننا اصبحنا الجلاد و الضحية...لماذا الإصرار على الكذب بان امورنا تمام ... حياتنا التي نعيشها مرة واحدة اصبحت محاكاة لمسلسل مأساوي تتجدد فصوله كل يوم...أما آن الآوان لوقف هذا النزيف...استجمع الفتى قواه...حاول مجاهدا كشف المستور مرار...لكن خوفه و قلة شجاعته نجحا في وئد كل محاولاته المتكررة في تطبيب جرح لم يكن فيه اي دخل... انها بدون شك المثلية...

(نسيم) : آآآآه يا (بثينة)...ليتك تعرفين ماذا في هذا القلب...اطمئنك..لست مثلي او كما تحب ان تصيفهم شاذ...كل ما في الامر انني احس بمعاناة تلك الفئة من الناس..اعرف عذابهم و مآسيهم...هذه اصل الحكاية.

وتستمر المعاناة...جزء من الناس لا تقوى على العيش في الوضوح...فحياة الكذب و النفاق اصبحت هيروين لا بد منه...حياتهم لا تستقيم بدون النفاق الاحتماعي حتى لو كان ذلك على حساب ادميتهم...حظ سعيد لكل من شق طريقه في دنيا التحررمن معضلة (اكون اولا اكون)

ملاحظة: كيف عرفت (بثينة) بعلاقة (نسيم) و (ايمن) من ناحية ...كيف و لماذا لم تستمرالعلاقة بين العاشقين من ناحية ثانية ... ليس اساسا القصة الواقعية...كلها تفاصيل لن تفيد احدا...فحبل الكذب بان الدنيا حلوه (على راي نانسي عجرم) مهما طال يظل قصيرا...

السلام و الى لقاء آخر




7 comments:

Anonymous said...

صديقي السندباد
اظن ان نسيم اخطأ من البداية في حبه لهذه الفتاة
اذ هو مثلي فكيف يحب فتاة؟؟
ايريد ان يعذبها
يضحك عليها؟؟
تلاعب في مشاعرها من البداية
هذا هو الخطأ الذي ارتكبه
أما عن اعترافه بأنه مثلي
فلا أظن انه حل
لان الله ستير يحب الستر
فلم يفضح الانسان نفسه
هذا رأيي بالموضوع


تحياتي

كريم زياد said...

مرحبا عزيزي سندباد

قصة مؤثرة فعلا...تعرض الصعوبات و سوء الذي يتعرض له المثليون في مجتمعاتنا وهذا الجهل هو سبب كل المآسي والأحزان التي نعانيها....أعجبتني طريقة حكيك أخي ..أسلوبك جميل وسلس

تحياتي ودمت موفقا

السندباد said...

الى هادي
مشكور صديقي على رايك..انا معك ان نسيم هو المذنب...نعم مخطئ في شيئ واحد الا وهو انكار مثليته و محاولته المستمرة العيش بمنائ عن حياة المثلي و غيره كثيرون...لكن يجب ان نعطي المسكين فرصه حتى لبناء حياة ثانية اساسها الكذب...اعرف انك لا توافقني الراي بس صدقني هو مجبور على فعل ذلك..انها الحياة البائسة
تحياتي

السندباد said...

اهلين كريم
من جديد مرحبا بك في مدونتي المتواضعة...و الله سعيد برايك...انشاء الله القادم يكون احسن...للاسف القصة واقعية و فصولها مازالت تحكى...ارجو ان اكون قد عبرت ووفقت في ايصال ماساة نسيم و غيره من المعذبين في الارض...دمت صديقي بالف خير

عاشق ياسمين الشام said...

صدقني ، مافي قصة بقراها من هالنوع إلا ما بشوف نفسي فيها و بشوف نفسي بالكلام اللي فيها ، لن أقول حياة الكذب و النفاق ، بل سأقول حياة التمثيل و التظاهر و الادعاء الدائم امام الآخرين ، حياة الكبت اللي نحن عايشينه ، للأسف هاي هي حياتنا كمثليين و هادا هو واقعنا.

بالرغم من كلللللللللل شي ، خلينا نبتعد عن السوداوية و التشاؤم و نقول بتبقى الدنيا حلوة.

تحياتي لك صديقي سندباد و أشكرك على القصة الرائعة المعبرة.

السندباد said...

السلام عاشق
و الله عشقت فيك الصراحة,,,للاسف تلك حياتنا ولا يمكننا ان نتخطاها...من منا لم يرد يوما ان يعيش في وفاق مع نفسهومع الناس بس للاسف لا نستطيع...ايش اقول لك كل يوم تقتلنا تلك النضره الدونيه التي اراها في اعين الناس...اسءلتهم تقتلني...تري لما لم تتزوج ؟ كل البنات تريدك فقط اشر الي اي واحدة وهي تاتيك راكعة...و كم...و كم...تعبت من الكذب...الله يعيننا

عاشق ياسمين الشام said...

الله يعينك

أنا للآن ما وصلت لهالمرحلة ، ما وصلت للمرحلة اللي بيضغطوا علي فيها كرمال الزواج ، بس بيني و بينك خايف منها.